أحمد سالم
النقص الجميل، هو كل نقص يدلك ويهديك إلى التدبر في الجمال والكمال والجلال الإلهي.
والكمال القبيح هو كل كمال جعلك تنكر محدوديتك وتتعالى على عبوديتك وتطمع في غير المقام الذي أقامك الله فيه، تعجبك نفسك، وتذهل عن افتقارها لمولاها، تغتر بمتاع الدنيا وتغفل عن نعيم الآخرة.
مقتطفات أخرى
أيها القائد، أي قائدي
ها قد انتهت رحلتنا المخيفة.
لقد تفادت السفينة كل الصخور
وها قد حُزنا ما كنا ننشد من هدف.
لقد دنا المرفأ
وأسمع الأجراس تدق
والناس في فرح طاغٍ
وأعينهم ترقب قاع السفينة
تشق العباب في ثبات
إذ السفينة جهماء حزينة.
ولكن
أواه يا قلبي، يا قلبي، يا قلبي
أواه لك أيتها الدماء المراقة
حين يرقد قائدي على سطح السفينة
جثة باردة حزينة.
***
أيها القائد، أي قائدي
قم وانهض كي تسمع رنين الأجراس
قم
فالراية قد ارتفعت من أجلك
وأبواق النصر تصدح لك
ولك كل هذه الأكاليل والأزاهير
ولك ازدحمت الشواطئ بالناس
وهم ينادونك
الجماهير المتماوجة
ووجوهها تنشد مرآك
أه أيها القائد، يا أبتي العزيز
هذي ذراعي توسد رأسك
ما هو إلا حلم يترآى على سطح السفينة
فقد سقطتَ جثة باردة ميتة.
قائدي لا يرد
شفتاه شاحبتان ساكنتان
أبي لا يشعر بذراعي
فليس فيه نبض ولا حياة
وها قد رست السفينة سالمة
وقد أنجزت مهمتها
وصلت السفينة المنتصرة من رحلتها المرعبة
وعلى متنها هدفها المنشود
فلتمرحي يا شطآن
ولتصدحي يا أجراس
أما أنا
فسوف أسير على سطح السفينة
بخطوات حزينة
حيث يرقد قائدي
جثة باردة ميتة.
والت ويتمان- أوراق العشب.
السعي لأن أكون أفضل نسخة من نفسي= هذه رحلة ليس لها محطة وصول؛ لأن قابلية التحسين لا نهاية لها، والإنسان في الدنيا محدود لا يمكنه بلوغ أي حالة غير محدودة.
لذلك نحن نعبر عادة بتعبير أدق وهو: أفضل نسخة (ممكنة)، ممكنة بالنسبة لي هنا والآن، غدًا ستكون هناك فرصة لرفع سقف الممكن هذا إن بذلت أحسن ما أستطيع.
وأنا أيضًا لا أدري بيقين هل هذا أحسن ما أستطيع أم قصرت.
حالة الغموض ونقص اليقين ومحدودية العلم، واحدة من حالات النقص والألم التي هي جزء من الحياة، ويعد العيش رغم الألم، والعمل رغم الظن والنقص والغموض واللايقين= من علامات النضج النفسي.
الرغبة في أن أعلم وأطمئن وأتيقن هي كالرغبة في ألا أتألم= رغبات مشروعة ومقبولة، لكن ينبغي أن يتقبل الإنسان أنها لا تحصل كثيرًا، وبالتالي يعمل ويسعى على الرغم منها.
ابذل ما ترجو أنه أحسن ما تستطيع لبلوغ ما ترجو أنه أفضل نسخة ممكنة من نفسك هنا والآن، وفي الغد فرصة أخرى لتصحيح تقصير الأمس ولتطوير إحسانه معًا.